عاجلمنوعات

الماكر الخبيث برنارد لويس ومشروعه الاستشراقي لتقسم العالم الإسلامي

الماكر الخبيث برنارد لويس ومشروعه الاستشراقي لتقسم العالم الإسلامي .

كتب دكتور عصام كمال المصري

مازال موضوع الاستشراق الشغل الشاغل للمثقف العربي الذي تحول فجأة من ذات دارسة مستكشفة ، إلى موضوع تحت المجهر والتشريح ، وما زالت الحاجة تدعو- وبإلحاح يزداد مع الأيام – إلى دراسة الاستشراق وخطاباته عبر تحولاته ، دراسة فاحصة متعمقة للوقوف على تفصيلاته الدقيقة وخلفياته المحجبة ، في أفق ما يسمى بالعولمة ، حيث أصبح العالم قرية تحكم بالنار والحديد ، تضخمت فيها إمبراطوريات الشركات العابرة للقارات حتى أصبحت تتحكم في الدول بعد أن سلبتها السيادة ، في عالِم سيطرت فيه الديمقراطيات الميكانيكية ، وطغت فيه المعلومالية ، وفقدت فيهِ القيم القانونية والإنسانية والأخلاقية ، وتسلط فيهِ الشمال/ الغرب ، على الجنوب / الشرق ، بعد أن استنزفه واستعبده ، ويسعى حاليا إلى تدمير هويته وطمس خصوصياته الدينية واللغوية والحضارية ، باسم العولمة .
وكان برنارد لويس أحد أهم المستشرقين الغربيين المعاصرين، وأجرى أبحاثاً مهمة عن المسلمين والعالم الإسلامي، وارتبط اسمه بدوائر صنع القرار السياسي في أوروبا وأمريكا. كانت له نظريات كثيرة حول الدين الإسلامي وتاريخ المسلمين، وله أفكار كثيرة حول العلاقة الشائكة التي تجمع المسلمين والغرب في العالم المعاصر. وُلد برنارد لويس في لندن في مايو 1916، لأسرة يهودية إنجليزية متوسطة الحال , وتوفي ، في عام 2018 ، مخلَفا إرثا من التضليل والخبث الفكري والدسائس، ويرى فيه كثيرون أنه أحد أكثر المؤثرين في سياسات الهيمنة والسيطرة الأمريكية في عهد سطوة المحافظين الجدد .
في أعماله الأخيرة، ومنها الكتب الأكثر مبيعات بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر: “ما الخطأ”؟ (2002) و”أزمة الإسلام” (2003)، استقطب لويس بشكل متزايد جمهورًا غربيا واسعًا. ملأ عقولهم بأفكار خبيثة ومضللة عن المسلمين، لكنه أيضا وبخ القادة الغربيين لفشلهم في إدراك مدى وصول جماعات مثل القاعدة. . وخلاصة سموم برنارد لويس وقناعته الراسخة أن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تركوا لأنفسهم سوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات وتقوض المجتمعات، ولذلك فإن الحل السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم و تدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية”. وأسلوبه يتصف بالانتقائية، فهو يختار من الحقائق والسياقات التاريخية ما يؤيد رؤيته ، وكتاباته عززت وكثفت الصورة النمطية للإسلام باعتباره تهديدا للغرب وهو يعرفنا معرفة عميقة ولكنه يعرفنا كما يهوى وتملي عليه ضميره وأحقاده .

إن المتتبع لمواقف ليونارد لويس ودراساته عن الفرق الإسلامية يجد أنها غالبا يحركها الحقد الدفين علي العالم الإسلامي ويمكن إيجازها فيما يلي :
أولا : تعظيم شأن الفرق الدينية ودورها في المجتمع الإسلامي . بهدف النيل من الإسلام من خلال الصورة السلبية التي يقدمها عنه دينا وحضارة , فيتحدث عن الإسلام وكأنهم منقسمون إلي فرق دينية متعددة . مما يوهم باعتقاد عدم وجود أمة إسلامية واحدة كما يعتقد المسلمون .
ثانيا : إدعاء تطوير الفرق الإسلامية للعقيدة والفكر الإسلامي . لقد بالغ بالدور الديني للفرق الإسلامية المنتسبة للإسلام من حيث اعتبارها مسئولة عما يسمونه تطور العقيدة في الإسلام وهي فكرة غربية استقاها من نظرية دارون لذا أكد لويس علي أهمية الفرق المنشقة عن الإسلام كالبابية والبهائية وزعم أن الفرق المنشقة عن الإسلام علي الدوام أصحاب فكر ثوري تحرري عقلي .
ثالثا : استحداث فرق جديدة بهدف زيادة الفرقة بين المسلمين . بهدف زيادة عوامل الفرقة بين المسلمين للعمل علي خلخلة التوازن في المجتمع الإسلامي ومن هنا تم تقسيم العالم الإسلامي إلي قوميات وأجناس وألوان …. إلخ ..
رابعا : إظهار الأقليات في صورة المضطهد بهدف تشويه صورة الإسلام خاصة في الغرب وإظهاره في صورة المتعصب المضطهد للطوائف غير المسلمة .
وعلى الرغم من المحاولات الجدية المخلصة التي بذلها برنارد لويس وغيره من الباحثين في العصور الحديثة للتحرر من المواقف التقليدية للمستشرقين عن الإسلام ، فإنهم – كما يقول المستشرق نورمان دانييل لم يتمكنوا من أن يتجردوا منها تجردا تاما كما يتوهمون وما تزال آثار التعصب الديني الغربي ظاهرة في مؤلفات عدد من العلماء المعاصرين ومستترة وراء الحواشي المرصوصة في الأبحاث العلمية ” على حد تعبير برنارد لويس . وبالتالي علينا أن ننتبه وينتبه كل الباحثون والدارسون عن حقيقة برنارد لويس أما ما نعانيه اليوم فلا يخدعنكم المشهد المظلم الحالي من التأخر عن ركب التقدم . فسوف يليه حتما – بإذن الله – عصر الأنوار المشرقة إنه آت بإذن الله لا محالة ! مهما كانت محاولات المستشرقون التعصبية ضد الإسلام وسماحته وقيمه التي تحوي الآخر بالتسامح والقيم الأصيلة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!