عاجلمقالات الرأى

تحديات قاسية

تحديات قاسية

بقلم : على فتحى.
[١٩-٢-٢٠٢٤]

يواجه الأقتصاد المصرى تحديات عديدة قاسية أبرزها هي التضخم المرتفع، وارتفاع أسعار السلع والخدمات أدت إلى زيادة تكاليف المعيشة للمواطنين، مما تسبب فى تقليل قدرتهم الشرائية وأثر سلبًا على مستوى المعيشة.
لا أحد ينكر بأن صبر المواطن المصري على الأزمة الاقتصادية الطاحنه يعكس مرونته وقدرته على التكيف مع الظروف الصعبة وإدراكه بالمخاطر التى تحيط خلف حدود بلاده فالمواطن البسيط على علم بكل الأزمات بداية من غزة مرورا بلبييا والسودان وأثيويبا ، فهو يظل صامد وصابرا ويعمل بجد لتحقيق أبسط احتياجات أسرته ، يعكس صبره استمراره في مواجهة الصعوبات الاقتصادية بكل إصرار وثبات، وتمسكه بالأمل والإيمان بأن الظروف الصعبة لن تدوم، فالمصرى صاحب إرادة قوية في تحقيق التقدم رغم التحديات وأن هناك فرصًا مستقبلية لتحسين الوضع الاقتصادي.
إن الأزمات الاقتصادية التى تعيشها مصر مرتبطة إرتباطا وثيقا بالأزمة الاقتصادية العالمية فمصر تعتمد على الاستثمارات الأجنبية لذلك فأن أى قلق يحدث فى الأقتصاد العالمى يؤثر عليها تلقائيا كأنخفاض الطلب على السلع والمنتجات والخدمات المصرية ومثال على ذلك فان أزمة الحوثيين فى اليمن أثرت تأثيرا سلبيا على واردات قناة السويس وهو ماقلل من عائداتها النقدية ، كما أن زيادة القروض الخارجية وارتفاع تكلفته جعل من الصعب على الحكومة تمويل مشاريع التنمية وسداد الديون .
ثم تأتى أزمة الدولار والسوق السوداء من أبرز تلك التحديات التى تواجه الأقتصاد المصرى بسبب الطلب العالى عليه من قبل المستوردين والذين يحملون جزء كبير من تلك الأزمة الاقتصادية التى تعيشها مصر فهؤلاء تسببوا فى ضغوط على الموارد النقدية كالحاجة الدائمة للدولار مما قلل نسبة الاحتياطي النقدي فى البنوك فلقد كان بإمكانهم الاستعانه بعملات البلاد المراد الاستيراد مباشرة منها دون الحاجة للدولار فمثلا الصين هى أكبر وجهات المستوردين المصريين فى الخارج كان بالإمكان الاستعانة باليوان أو (الرينمينبي) الصينى بديلا للدولار ، كما أنهم خلقوا سوقا سوداء نشطة للدولار أثرت على الاستقرار الأقتصادى والإجتماعى
وبشكل عام فإن انضمام مصر لمنظمة البريكس خطوة إيجابية وتلبى مصلحة مصر الوطنية وتسهم فى تعزيز اقتصادها فهى تفتح للاقتصاد المصرى أبوابا جديدة للتعاون مع دول المنظمة فى تعزيز التجارة الخارجية لها وتطوير بنيتها التحتية والتبادل بالعملات المحلية ودعم التنمية المستدامة وتعزيز النمو الأقتصادى.
والسؤال الأصعب كيف يخرج المواطن البسيط مصر من أزمتها الاقتصادية؟
ربما يكون هذا التساؤل غير مرحب به الأن عند البعض لكن الحل بالفعل بيد المواطن العادى ، والإجابة على سؤالى عند المواطن الصينى واليابانى فأنا أستشهد بتجارب فعلية للشعب الصينى عندما حدثت أزمة كورونا وقل الدعم الحكومى للمواطنين بعد توقف قطاعات العمل وحدث شلل تام هناك .. أصبح هذا المواطن الصينى بعد إنتهاء تلك الأزمة قادرا على التعامل مع ماهو قادم وإن كان الأصعب فثقافة التوعية المالية عن كيفية إدارة المال الشخصي بفاعلية وتحديد أولوياتة وتقليل النفقات غير الضرورية وإدخار المال بعناية تسبب فى هبوط الأسعار لدرجة أن أصحاب المتاجر مثل ماكدونالدز وغيرها يحاولون إغراء المواطن الصينى بأسعار زهيدة مقارنة بدول أخرى لكن المواطن الصينى لم يستسلم لتلك المغريات وأصبح يخزن أمواله خشية من أزمة أخرى قد تحدث فى المستقبل ، أما المواطن الياباني فلدية ثقافة الإدخار حيث يعتقد اليابانيون بشكل عام أهمية توفير المال للمستقبل وتحقيق الاستقرار المالى مثل الاستثمارات فى الودائع البنكية والعقارات فهى استثمارات أمنة باختصار، يدخل المواطن الياباني أمواله في الاقتصاد لعدة أسباب، بما في ذلك الثقافة الاقتصادية للادخار، والبحث عن الاستثمارات الآمنة والمستقرة، وتحقيق الاستقرار المالي في المستقبل.
فما الفرق بين الصينى واليابانى والمواطن المصرى ؟ تختلف القيم والثقافات الاقتصادية بين الصين واليابان ومصر، مما يؤثر على نهج المواطنين في الادخار بالمال. على سبيل المثال، تشجع الثقافة الصينية التقليدية على الادخار والتوفير لتأمين المستقبل ودعم الأسرة، في حين تعتبر الثقافة اليابانية الادخار جزءاً من الحياة اليومية والاحتياطي للأوقات الصعبة. من ناحية أخرى، قد تتأثر عادات الادخار في مصر بالظروف الاقتصادية والاجتماعية، وتتأثر بالعوامل الثقافية المحلية والدينية.
فالمواطن الصيني الذي يعاني من دخل محدود أو تحمل تكاليف المعيشة المرتفعة في بعض المدن، في حين قد يتمتع المواطن الياباني بمستوى دخل أعلى مما يسمح له بادخار مبالغ أكبر. في مصر، قد يؤثر الدخل المحدود وارتفاع التضخم على قدرة المواطنين على الادخار بالمال أو أنها ثقافة غير محببه عند البعض فالأمثلة الشعبية حاضرة وتعبر عن ثقافة البذخ وليس التوفير فهناك مثل مصرى شهير “أَنفِقْ ما في الجيبِ يأتيكَ ما في الغَيْبِ”
يجعل المصرى يحث على السخاء والعطاء مع الاعتقاد بأن الإنفاق بشكل سخي أو التفاخر بالولائم دون سداد الديون يجلب البركة .
صحيح، يحتاج المجتمع المصرى إلى ثقافة قوية للادخار والتوفير لتعزيز الاستقرار المالي وتحقيق التنمية الاقتصادية. في مصر، يمكن أن تكون ثورة في فكر الادخار والتوفير ضرورية لعدة أسباب منها التوجه نحو الادخار والتوفير يمكن أن يساعد الأفراد على إدارة أموالهم بشكل أفضل وتحقيق أهدافهم المالية بشكل أسرع، مما يؤدي إلى رفع مستوى الرفاهية الشخصية وتقليل الديون إضافة إلى عندما يتوفر للمواطنين مبالغ مالية مدخرة، يصبح بإمكانهم التعامل بشكل أفضل مع المصاعب المالية المفاجئة، مثل الأوضاع الطارئة، مما يزيد من استقرارهم المالي والاجتماعي كما يمكن لزيادة نسبة الادخار في المجتمع أن تسهم في تحفيز الاستثمارات المحلية وتمويل المشاريع التنموية، مما يعزز النمو الاقتصادي ويخلق فرص عمل جديدة وتعزيز ثقافة الادخار والتوفير، يمكن تحفيز المواطنين على ترشيد استهلاكهم وتحقيق الاستدامة البيئية من خلال الحد من الهدر والاستهلاك الزائد و عندما يكون للأفراد مبالغ مالية مدخرة، يمكنهم استخدامها للاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مما يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل.
بالتالي، يمكن أن تكون ثورة في فكر الادخار والتوفير في مصر مفيدة جدًا لتعزيز الاستثمارات.
على الرغم من الصبر، فإنه من المهم أن يتخذ القادة السياسيون والمسؤولون إجراءات فعّالة لمعالجة الأزمة الاقتصادية وتخفيف أعباءها على المواطنين، وتوفير الدعم اللازم لهم لتحفيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة.
لا أحد ينكر إلى أن مصر تواجه تحديات في مجال التوظيف، حيث يعاني الكثير من الشباب من صعوبة في العثور على فرص عمل مناسبة، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة خاصة بين فئة الشباب. هذا يمثل تحديًا كبيرًا للحكومة في توفير فرص العمل الكافية لسد الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية.
علاوة على ذلك، تواجه مصر تحديات في مجال الدين العام، حيث تتطلب سداد الديون الخارجية والداخلية موارد مالية هائلة، مما يضع ضغوطًا إضافية على موازنة الدولة ويقلل من مرونتها في التعامل مع التحديات الاقتصادية الحالية.
من الضروري أن تتخذ الحكومة المصرية إجراءات فعالة لمعالجة هذه الأزمة الاقتصادية، من خلال تعزيز الاستثمارات وتحسين بيئة الأعمال لجذب المزيد من الاستثمارات، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات لمكافحة التضخم وتحفيز النمو الاقتصادي المستدام. كما ينبغي على الحكومة العمل على تعزيز التوظيف من خلال دعم القطاعات الاقتصادية الناشئة وتطوير البنية التحتية لخلق فرص عمل جديدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!