أخبار مصرعاجل

الآذان .. بعيون الأديب الجزء الأول

الآذان .. بعيون الأديب الجزء الأول

بقلم د/مصطفى النجار

أرى أحيانا أن من الحكمة حفظا للوقت ألا نرد على خصوم الحق والحقيقة ، الذين يختلقون الافتراءات والأكاذيب ويتحدثون بما لايعلمون دون دليل ولا برهان ، يسوقهم لاختلاق تلك الأباطيل نفوس لأنوار الوحى كارهة ، فلا ترى ولا تريد أن ترى شمس النهار ولا تشعر دفئها ، كضرير فقد البصر والإحساس معا.

لكن تفنيد الأباطيل وإظهار الحق واجب ، لتتبدد ظلمات الباطل بأنوار الحقيقة ، ولتشرق شمسها بقلب كل ذى بصر وبصيرة ، أما الكارهين أصحاب الهوى فلا حل لنا معهم ولا حيلة ” إنك لاتسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولو مدبرين”

ورايت فى روائع أديبنا العقاد ، العبقرى صاحب العبقريات ، ما يدفع افتراءات المرجفين ويفند أباطيلهم عن الآذان ، شعار ونشيد وسمفونية الاسلام العظيم ، والتى تأثر بها الكثير من الغربيين رغم اختلاف اللغة ، بل وكانت سببا فى أعتناقهم للإسلام ، وهذا ما يخيف خصوم الآذان الشجى الجميل ، وشعرت ان أنوار وعبير رفات أديبنا تنبعث من بين كلمات مقاله “الآذان .. حى على الصلاة” لترد أباطيل المبطلين فإلى رائعة العقاد أديب الإسلام العظيم رحمة الله عليه.

الآذان .. حى على الصلاة

أشبهُ الأشياءِ بالدعوة إلى الصلاة دعوةٌ تكون من معدن الصلاة، وتَنِمُّ على صوت من أصوات الغيب المحجَّب بالأسرار: دعوةٌ حيَّة كأنما تجد الإصغاء والتلبية من عالم الحياة بأسرها، وكأنما يبدأ الإنسان في الصلاة من ساعةِ مسراها إلى سمعه، ويتصل بعالم الغيب من ساعة إصغائه إليه.

دعوةٌ تلتقي فيها الأرض والسماء، ويمتزج فيها خشوع المخلوق بعظمة الخالق، وتعيد الحقيقة الأبدية إلى الخواطر البشرية في كل موعد من مواعد الصلاة، كأنها نبأ جديد.

الله أكبر. الله أكبر.
تلك هي دعوة الأذان التي يدعو بها المسلمون إلى الصلاة، وتلك هي الدعوة الحيَّة التي تنطق بالحقيقة الخالدة ولا تومئ إليها، وتلك هي الحقيقة البسيطة غاية البساطة، العجيبة غاية العجب؛ لأنها أغنى الحقائق عن التكرار في الأبد الأبيد، وأحوج الحقائق إلى التكرار بين شواغل الدنيا، وعوارض الفناء.
المسلم في صلاةٍ منذ يسمعها تدعوه إلى الصلاة؛ لأنه يذكر بها عظمة الله، وهي لب لباب الصلوات.

وتنفرج عنها هدأةُ الليل، فكأنها ظاهرةٌ من ظواهر الطبيعة الحية تلبيها الأسماع والأرواح، وينصت لها الطير والشجر، ويَخِفُّ لها الماء والهواء، وتبرز الدنيا كلها بروز التأمين والاستجابة منذ تسمع هتفة الداعي الذي يهتف بها إن الصلاة خير من النوم .
فتخرج كلها إلى الحركة بعد لمحة أو لمحتين، وتقول كلها: إن الحركة صلاة خفيَّة بيد محرك الأشياء، وإن الصلاة خير من النوم.
وإذا ودع بها الهاتفُ ضياءَ النهار، واستقبل بها خفايا الليل فهو وَدَاعٌ متجاوبُ الأصداء، كأنه ترجمان تهتف به الأحياء، أو تهمس به في جنح المساء، وكأنه ينشر على الآفاق عظمةَ الله، فتستكين إلى سلام الليل، وظلال الأسر والأحلام.

وإنها لتسمع بالليل ثم تسمع بالنهار، تُسمع والنفوس هادئة كما تسمع والنفوس ساعية مضطربة: توقظ الأجسام بالليل، وتوقظ الأرواح بالنهار، فإذا هي أشبهُ صياحٍ بسكينة، وأقرب ضجيج إلى الخروج بالإنسان من ضجيج الشواغل والشهوات.

رحمات الله وأنواره على أستاذنا الأديب العقاد.

ونكمل فى الجزء الثانى ان شاء الله تجنبا للإطالة
تحياتى وتقديرى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!