عاجلمنوعات

الحُرِّيَةُ الشَّخصِيَّةُ بينَ الفَوضى والانضِباط

الحُرِّيَةُ الشَّخصِيَّةُ بينَ الفَوضى والانضِباط

بقلم: أبو يحيى اللغوي (محمد نور الدين)
باحث دكتوراه في علوم اللغة العربية

الحريةُ كلمةٌ قويةُ الدَّلالة، عظيمة المعنى؛ فهي والحياةُ سواء بل تكاد تكونُ هي الحياةُ نفسُها والدليلُ على ذلك أن الإنسانَ يولدُ حُرًّا لا عبدًا يُشيرُ إلى هذا المعنى مقولةُ الخليفة الفاروق “عُمر بن الخطاب” تلك المقولة التاريخية التي سجلها التاريخُ بحروفٍ من نور حيثُ قال لعمرو بن العاص: “متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتُهم أحرارًا؟!”
أما عن مفهوم الحُرية فهي:
————————–
قدرة الإنسان على القيام بالأمور التي لا تضر بالآخرين، وعمل ما يشاء دون أن يخالف الشرع الحنيف أو القانون أو العدل.
وهي تعني أيضًا: حفاظُ الأفراد والجماعات على الحقوق التي يتمتعون بها، والحُريةُ تُناقضُ العبوديّة فهي التي تمنح الإنسان فعل أو ترك ما يشاء وبإرادته.
وفي هذا المقال، أُسلطُ الضوءَ على واحدةٍ من أهم أنواع الحُريات وهي “الحرية الشخصية” أو “حُرية الذات والجسد” كما يقال، وهي من أهم صنوف الحريات التي صانتها شريعةُ الإسلام وأخلاقه ومبادئه.
الحُريةُ الشخصية في الإسلام:

الأصلُ الذي يؤمنُ به كل مسلم أن الله عز وجل خلقنا أحرارًا وأخرجنا إلى هذه الدنيا أحرارًا حتى الفعل والاختيار جعل اللهُ الإنسان مسئولًا عنه يوم القيامة مُكلفًا يختارُ ويقدرُ على فعل الخير والشر وفي ذلك يقول الله تعالى: “وهديناهُ النجدين” إما أن يسلك طريق الخير أو يسلك طريق الشر، كل ذلك بضوابط وضعتها الشريعة الإسلامية لا تتصادم مع الفطرة السوية ولا تتضارب مع العقل الرشيد.
ضوابطُ الحُريات الشخصية في ميزان الشرع:

تختلفُ نظرةُ الإسلام للحرية الشخصية عما يمكنُ أن نسمية اليوم “حُرية الفوضى” وهي الصورةُ التي جاءت مستوردة إلينا من الغرب “اللاديني” العلماني فقد أصبحت “المِثلية” و”الشذوذ” و”الزواج المثلي” و”العُري” و”الإجهاض” و”ممارسة الرذائل” و”الصداقات بين الرجل والمرأة” كل ذلك أصبح حُرية شخصية لا يجوز التعدي عليها أو مصادرتها.
أليست هذه الأشياء مساوية للفوضى والعبثية؟!
وقد قرر الإسلامُ الحرية، واعتبر حرية الفرد في نفسه وجسده وعقله مقترنة بالحياة والدين كله وغاية من غايات الإسلام ومقاصده، وقد وازن كذلك بين الحرية الفردية والحريات العامة، والحريات المادية والمعنوية، فعندما أباح حرية التجمل والترفيه والتريض، حرم أيضا حرية العري والإسراف والترف والشذوذ .
ولذلك لا بُد أن تتوافق حُريةُ الإنسان مع رسالته في الحياة ومنهج الله في الأرض وبهذا لا تقع المخالفة ولا الشذوذ.
وللحديث بقية إن شاء الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!