(٣٨) رجل خسر كل شىء

(٣٨) رجل خسر كل شىء

بقلم حمدى بهاء الدين

كان يعلم أن لا شىء يبقى للأبد ، كان يدرك أن كل شىء سيرحل يوم ما ، كان يؤمن بالقول المأثور ،، ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع ،، ومن هنا كان طموحه يصل إلى عنان السماء وكانت إرادته من حديد وإيمانه بذاته لا حدود له ، صارع الوقت وحقق ما لم يتوقعه أحد من داعم له أو عدو ، كان ينظر إلى العقبات بسخرية ، داس على الشوك وتجرع المرارة وأمسك بالجمر دون أن يشتكى وهو فى قمة الألم لأنه كان يظن أنه أمل جيل فى حياة لا ترحم الضعفاء
ولأن الأيام تتبدل والأشياء تتغير ولا شىء يستقر سقط من علو مكانته وضاعت هيبته ولم يعد يملك من الأمر شىء , لم يعد أحد بحاجة له ولم يعد مرغوب أو مطلوب ، أصبح عبء على من حوله ، لم يعد هناك أحد يحتاج إلى نصيحته ، أصبح وجوده مرهق للجميع ووجوده مؤلم للجميع ولا يشعر به أحد ولا يعذره أحد غايته فقط كسرة خبز وجرعة ما ومساحة صغيرة يرتكن إليها ليستريح أو ينام ، لا يسأل عنه أحد إن غاب ولا يهتم بوجوده أحد إن حضر
أصبح شفاف غير مرئي كأنه شبح أو سراب لم يعد له رصيد فى القلوب ولا هيبة فى العيون ولا مكانة بين النفوس ، تغيرت ملامحه فأصبح كبيرا جدا عن عمره ، ضعيفا جدا إلى درجة التهشم ، محترقا إلى درجة التفحم ، لم يعد بهى الطلة ولا مرهوب الجانب ، أصبح فراغ ، لا شىء على الإطلاق
لقد خسر كل شىء ، خسر ثروته ونجاحه ومكانته وطموحه وعلاقاته ومشاعره ، لم يعد له فى الذاكرة إلا ماضيه المؤلم الذى عاشه قبل النجاح وكأن الأيام عادت من جديد أو أن الأيام لم تمر وتوقفت عند حرمانه السابق وهزيمته السابقه وإنكار المجتمع له ، نعم عاد إلى المربع صفر ، عاد إلى نقطة البداية لكن بلا طموح وبلا إرادة
نعم خسر كل شىء لكنه لم يخسر نفسه
# بقلم حمدى بهاء الدين