عاجلمنوعات

أهمية أن نروي تاريخنا

أهمية أن نروي تاريخنا

بقلم : يوحنا عزمي

بالصدفة البحتة شاهدت اعلاناً تشويقياً لفيلم يحمل اسم “موسي” الفيلم أمريكي وستعرضه إحدي المنصات العالمية في نهاية هذا الشهر ، وجدت نفسي اعيد مشاهدة الإعلان بشكل لا إرادي ، سيطر علي الفضول حول كيفية معالجة صناع الفيلم لحدث خروج اليهود من مصر ، والصراع الذي دار قبل هذا الخروج ، سألت نفسي عشرات الأسئلة .. هل يصور صناع الفيلم المصريون القدماء بشكل منصف ؟

هل يستندون للمصادر التوراتية فقط فيكون الفيلم أقرب لفيلم ديني ؟

هل يقدمون رؤية مغايرة تستند لعلم التاريخ ؟

هل يرون الأحداث من منظور أنها صراع سياسي في جزء منها ؟

هذه كلها أسئلة لن نجد لها إجابة إلا بعد مشاهدة الفيلم ، لكنني متأكد أنها لن تشغلني أنا وحدي ولكن ستشغل عشرات الملايين
في مصر والعالم .. سيفرح الذين يشعرون أن الفيلم انصفهم في روايته للأحداث ، وسيغضب الذين يشعرون ان الفيلم خالف حقائق يعتقدون في صحتها أو اخفي حقائق كان يجب ان تظهر من وجهة نظرهم .. أننا لا نفعل ذلك لو كنا امام فيلم عادي يدور في العصر الحديث ، او يروي قصة خيالية دارت احداثها في الماضي ، ولكننا نشعر بكل هذه الحساسية تجاه الأعمال الفنية التي تروي تاريخ كان وطننا طرفاً فيه ، ونشعر بالغضب إذا غير صناع العمل الفني من حقائق تاريخية ثابتة كما حدث في فيلم كليوباترا الذي قدمته نفس المنصة وادعت فيه ان كليوباترا كانت سمراء البشرة …

هل لهذا علاقة بدراما رمضان ؟ نعم له علاقة وثيقة للغاية بدراما رمضان التي تحرص الشركة المتحدة كل عام علي ان تحتوي علي عمل تاريخي ، العمل التاريخي بشكل عام مكلف انتاجياً ، لكنه يملك جاذبية التاريخ .. ان يروي للبشر قصة الأسلاف .. الإنسان يحب ان يعرف عن أسلافه حتي ان بعض البشر عبدوا اسلافهم او اجدادهم في الماضي قبل ان تنزل الرسالات السماوية للتصحيح ، التاريخ يعيد نفسه بشكل اكيد ..

لذلك ليس غريباً ان يعيد حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان تأسيس تنظيم الشيعة الإسماعيلية المعروف باسم “الحشاشين”
ان ذكاء البنا جعله يحلم بأن يقتبس بناء التنظيم الشيعي وسط السنة ، تخيل لو اخذت اقوي فكرة لدي الأقلية المذهبية واقنعت
بها الغالبية الساحقة من الناس!!

لقد ظن حسن البنا وهو شخص شديد الذكاء ان اقتباس طريقة عمل الأقلية وتطبيقها علي الأغلبية سيؤدي للسيطرة علي العالم خلال أعوام قليلة لذلك بشر اتباعه ب ( استاذية العالم ) او (سيادة العالم ) ، لقد اقنعهم أنه يدعو لعودة الخليفة المخلوع بدلا من الأمام الغائب ( تم إسقاط الخلافة العثمانية قبل اربع سنوات من تأسيس الإخوان ) وان الإنضمام للتنظيم فرض عين علي المسلم لا يكتمل إيمانه إلا به ، ولم يكن سراً بين العلماء من معاصري البنا انه تاثر في بناءه لتنظيم الإخوان بالشيعة الباطنية ، لذلك حاول أنصاره التمويه حول التنظيم الذي اقتدي به حسن البنا في تأسيس الجماعة وادعي اللبناني فتحي يكن ان البنا كان يقلد تنطيماً اسسه النبي (ص) لنشر الدعوة ، وقد تصدي عدد من العلماء لهذه الأكذوبة كان علي رأسهم د. علي جمعة واقتدي به كثيرون ..

وبالتالي فإن مسلسل الحشاشين ، مثله مثل مسلسل الإختيار
ومثل أعمال تاريخية قادمة ، يؤدي خدمة وطنية عظيمة حين يروي لنا تاريخنا من منظورنا لا من منظور الآخرين ، ولعله ليس سراً ان المتشرق العمدة برنارد لويس صاحب فكرة تقسيم الوطن العربي لدويلات صغيرة يري ان الحشاشين ( فرقة ثورية ) لأنها طبقت منذ الف عام النموذج الذي اقترحه منذ سنوات لتفتيت الوطن العربي لدكاكين طائفية صغيرة تستقل فيها كل طائفة بدولة صغيرة لا تشكل خطراً علي أمن إسرائيل او غير إسرائيل .. وقس علي ذلك الكثير .. لذلك لو لم يفعل المسلسل غير الرواية الواعية للتاريخ لكفاه فخراً ويزيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!