تحقيقاتعاجل

علم من أعلام آل بيت النبوة الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين عليهما الرضوان

علم من أعلام آل بيت النبوة الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين عليهما الرضوان

إعداد/ د. محمد أحمد محمود غالي

الإمام محمد الباقر هو: “أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب” كان أبوه علي زين العابدين وجده الإمام الحسين الشهيد بالعراق، وأمه أم عبد الله بنت الحسن بن علي. سمي الباقر لبقره العلوم واستنباطه الحكم، كان ذاكرا خاشعا صابرا وكان من سلالة النبوة رفيع النسب عالي الحسب، وهو تابعي جليل كبير القدر كثيرا أحدا أعلام هذه الأمة علما وعملا وسيادة وشرفا. أبصرت عيناه النور في المدينة المنورة يوم الجمعة الأول من شهر رجب عام سبعة وخمسين من الهجرة. إسمه محمداً، وكنيته أبو جعفر ولقبه باقر العلوم، ولد طاهراً مطهراً تحيط به هالة من الجلال والعظمة. ينتسب الإمام الباقر إلى النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم والإمام علي والسيدة الزهراء عليهما الرضوان من كلتا الجهتين ـ الأب والأم ـ فأبوه هو الإمام زين العابدين ابن الإمام الحسين، وأمه هي السيدة الجليلة أم عبد الله بنت الإمام الحسن المجتبى رضي الله عنه. كان أصدق الناس لهجة وأنضرهم وجهاً وأكرمهم خلقاً. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى عن آل البيت: “منهم من كان خليفة راشدا تجب طاعته كطاعة الخلفاء قبله وهو علي، ومنهم أئمة في العلم والدين يجب لهم ما يجب لنظرائهم من أئمة العلم والدين كعلي بن الحسين وأبي جعفر الباقر وجعفر بن محمد الصادق ومنهم دون ذلك”. نشأ الإمام الباقر في بيت الرسالة وعاش مع جدّه الحسين بن علي أربعة أعوام، وتسعًا وثلاثين عاما مع أبيه، وقد لازمه وصاحبه طيلة هذه المدة فلم يفارقه وقد تأثّر بهديه وعلمه وتقواه وورعه وزهده وشدة انقطاعه وإقباله على الله. وكان جده وأبوه يعلّمانه ما استقر في نفسيهما من الخير والهدى، والسّلوك النير والاتجاه السليم. وروى عنه معالم الدين بقايا الصحابة ووجوه التابعين ورؤساء الفقهاء المسلمين وكتبوا عنه تفسير القرآن. قد وصفه معاصروه بأنّ شمائله كشَمائل رسول الله وأنّه مربوع القامة، جعد الشّعر، أسمر، له خال على خده وخال أحمر في جسده، ضامر الكشح، حسن الصوت ومطرق الرأس. زوجاته: كان لدى الإمام الباقر من الزوجات اثنتان وهما؛ الزوجة الأولى “أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر”، وقيل إن اسمها فاطمة، وأُمّ فروة كنيتها وهي أُمّ الإمام جعفر الصادق وعبد اللّه. وكانت من ذوات الإيمان والتقوى والعمل الصالح. وقال الإمام جعفر الصادق: «كانت أُمّي ممن آمنت واتّقت وأحسنت، واللّه يحبّ المحسنين». والثانية هي “أم حكيم بنت أسيد بن المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفية”؛ وهي أُمّ إبراهيم وعبيد اللّه. أما أولاده رضي الله عنه فهم:
«جعفر الصادق، عبد الله، إبراهيم، عبيد الله، علي، زينب، وأم سلمة».
كان زاهداً عابداً وقد بلغ من العلم درجةً عاليةً سامية، حتى إن كثيراً من العلماء كانوا يرون في أنفسهم فضلاً وتحصيلاً، فإذا جلسوا إليه أحسُّوا أنهم عِيالٌ عليه، وتلاميذٌ بين يديه، ولذلك لُقِّب بالباقر: من بَقَر العلم أي شَقَّه، واستخرج خفاياه، وقد كان إلى جانب علمه من العاملين بعلمهم؛ فكان عفَّ اللسان، طاهرَا. حدث عن أبيه، له عدة أحاديث في الصحيحين و هما من كتب الحديث عند أهل السنة، وكان من الاخذين عنه أبو حنيفة وابن جريج والاوزاعي والزهري وغيرهم، قال محمد بن مسلم : سألته عن ثلاثين ألف حديث، وقد روى عنه معالم الدين بقايا الصحابة، ووجوه التابعين، ورؤساء فقهاء المسلمين. مارس الإمام الباقر بثّ المعارف والعلوم الإلهية وحلّ المعضلات العلمية وأحدث حركة علمية عظيمة مهدت لتأسيس جامعة إسلامية ضخمة بلغت ذروتها في عصر ابنه الإمام الصادق ، فقد كان الإمام الباقر أبرز وجهاء بني هاشم في العلم والزهد والفضل وعلو المنزلة. وقد اعترف العدو والصديق بمنزلته العلمية والأخلاقية الكبيرة، ولم يخلف أحد من أبناء الحسن والحسين رضي الله عنهما إلى ذلك الحين بقدر ما خلفه الإمام الباقر من الروايات في مجال الأحكام الإسلامية والتفسير و تاريخ الإسلام والمعارف الأُخرى. من أقواله البديعة المضيئة : « لا يكون المؤمن خوّافاً ولا حريصاً ولا بخيلاً »، « الكذبُ آفة الإيمان »، « إذا جاء مسلم إلى بيت أخيه المسلم ليزوره أو ليطلب منه حاجة وكان صاحب البيت في بيته فلم يأذن له بالدخول ولم يخرج للقائه فان صاحب هذا البيت يكون مورد لعنة الله حتى يلتقيا… »، « ان الله ليحبّ الإنسان ذا الحياء الصبور »، « إحذروا القدح بالمؤمنين »، « من حبس غضبه عن الناس حبس الله عنه عذاب القيامة ». وبعد عطاء كريم فى حياة كريمة مليئة بالعلم والتقوي والخشوع والإيمان توفي الإمام محمد الباقر في اليوم السابع من ذي الحجة لعام ١١٤ هجري، وكان عمره عندئذ سبعة وخمسين عاماً. وفي ليلة وفاته قال لإبنه الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه : “هذه الليلة سوف أرحل من هذه الدنيا، فقد رأيت والدي وهو يحمل إلي شراباً عذباً فتناولته فبشّرني بدار الخلود ولقاء الحق”. وفي اليوم التالي وري الجسد الطاهر لذلك البحر الزاخر بالعلم الالهي في ثرى البقيع إلى جوار قبر الإمام الحسن وقبر الإمام السجاد رضي الله عنهم أجمعين، وصلى اللهم وسلم وبارك على جدهم الحبيب المصطفى سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!