عاجلمنوعات

لقائى مع فنانى معرض الـ “5”

لقائى مع فنانى معرض الـ “5”

بقلم /منى منصور السيد

فى تظاهرية فنية من نوع فريد إجتمع خمس فنانين من حقب زمنية مختلفة على فكرة واحدة وهى الإبداع فى أروع صوره وتجسيد الواقع والخيال مع فى ابداع فنى وقد إجتموا على إستخدام مجموعة لونية واحدة دونما قصد منهم فجاء المعرض متناغما فى ألوانه مختلفا فى فكرة ومخرجاته الفنية
ففى قاعة إبداع الفنون التشكيلية بالزمالك معرض الخمسة أو مجموعة “ال5″،
اليوم الأحد 20 نوفمبر 2022، وحتى 22 ديسمبر ، حيث تعرض لخمسة فنانين يتنمون لأجيال فنية مختلفة يختلفون في التناول والأداء الفني، وأيضا في الخامة المستخدمة لإنتاج أعمالهم. وهم حسن راشد، عادل حسني، مجدي عثمان، نشوة مختار، وياسر عيد.. و أهم ما يميز أعمال تلك المجموعة أنها مرتبطة لونياً على دون إتفاق، حيث يغلب على الأعمال الألوان الساخنة وبعض الأزرقات، مع إحتفاظ كل فنان من المجموعة بتقنية لونية وأسلوب خاص،
فالفنان الراحل حسن راشد، وعناصره الطبيعية، المستوحاة من الفنون الشعبية بتصرف وتحويرات خاصة، إضافة إلى تحضيره لمسطح التصوير بطريقة تميزه عن غيره من الفنانين الذين يستلهمون في إنتاجهم الفني البيئة والفنون الشعبية، وستكون المفاجأة بعمل قديم للفنان من الألوان الزيتية يختلف كثيراً عما إشتُهر به، حيث كانت تلك الفترة التي إرتبط فيها بالفنان حسن سليمان، وتلك اللوحة تؤكد على قدرة راشد على الأداء الأكاديمي، والذي لا يخلو

من فهم للون والخامة، وعلى الرغم من ذلك فقد ترك تلك الطريقة أو الأسلوب في سنواته الأخيرة، وإرتبط بما أحبه أو وجد نفسه فيه. قائلاً: “الفن الشعبي نبع خصب غزير لا ينتهى؛ ولا تمل من التأثر به والأخذ منه. وإذا أُتيح لي أن أعود وأبدأ من جديد فلن أُغير هذا
الأسلوب الذي عرفني جمهوري به. فأنا أعشقه.
وينقلنا الفنان عادل حسني إلى البيئة الشعبية بأسلوب بين الأكاديمة والرمزية، بل ربما إشترك مع البوب آرت من خلال عناصر مضافة، كان من غير المتآلف إستخدامها في تلك الفترة المبكرة في مصر، فنجد سكيناً حقيقة، و” الطاقية الشبيكة” وأغطية زجاجات المياه الغازية، وقطع لعبة الطاولة، لكنه يشترك مع حسن راشد في إحتفائه بـ “السمكة” رمز البركة، ويستجيب للبيئة الشعبية من خلال البيانولا، وخيال المآته، وقارئة الطالع، الخبيز، والخيامية والحصان والعروسة الحلاوة..

وينتمي عادل حسني إلى دفعة عام 52/1953،

و نطالع أعمال الفنان مجدي عثمان، والتي جاءت في أعمال تُلخص رجع صورة لتجارب على الخامة والعنصر، منذ التسعينات من القرن الفائت، بين الوجه الإنساني وخاصة الأنثوي، وبين الزهور، بتقنيات وخامات مختلفة، من خلال شغفه بالتجريب على الوسائط، والشكل معاً، فهناك إستخدامه للأكاسيد الترابية الملونة، على ورق “الكرافت” الخاص بالتغلف وليس الرسم!. واللاكيهات، والألوان الزيتية والمائية والأحبار، وأقلام الحبر الشيني وقلم التصحيح أو “الكوريكتور”. إضافة إلى اللعب على المصادفة أحياناً، والتي بدأها منذ مرحلة الدراسة في كلية الفنون الجميلة، حين سكب المياه، على لوحة من الحبر الأسود بعد أن أنجزها ولم تعجبه، فتفاجأ بظهور شكل جمالي مختلف من خلال “تسييل” الحبر بشكل عشوائي، فقرر إنتهاز تلك الصدفة، والعمل عليها كطريقة أداء في خامات مختلفة، بزيادة كمية الوسيط، مع الأخذ في الإعتبار، بأهمية أن لا يفقد الشكل هيئته، وعناصر التكوين المختلفة والمعروفة في بناء العمل الفني. ثم جاءت المصادفة الثانية عندما تعامل مع الورق الكرافت البيج، والمغلف لعدد من أعماله كانت معروضة في واحدة من قاعات العرض الفني، فأعجبه لون الأرقام بالقلم الأسود، وشريط اللاصق من البيج الشفاف، على ورق الكرافت، فبدأ أولاً يتعامل مع الورق “كما هو” بحالته من كتابات أو لواصق، ثم يضيف عليه بالرسم من عناصره سواء الورود أو الوجوه، وبدأها بالقلم الأسود الفولوماستر وقلم الكركويكتور، والبردة الذهبية والكولاج الورقي، ثم إستخدم اللاكيهات مع الأحبار، ثم الألوان الزيتية، معتبراً أن ذلك كله للإمتاع الذاتي، دون الإرتباط بفكرة العرض، ولم ينسى خلال ذلك من اللعب على تجريب الخامة والوسيط ومسطح التصوير، أن يفقد شحنته التعبيرية التي يسقطها على أي مسطح، طالما وجد ضالته الجمالية فيه..
فالفن الحقيقي عند الفنان التشكيلي مجدي عثمان ليست له مراسم ولا طقوس خاصة، ولا يتطلب تجهيزات أو إستعدادات مُعينة. فهو يُقبل على الخامة غير التقليدية بحسه الإنساني الزاخم وتجربته الحياتية وخبرته المعرفية والأكاديمية، لتبدأ مرحلة من التفاعل الحي أو التصافح الإبداعي بين أصابعه وبين اللوحة التي يراهن الفنان على إمكانية تحريرها من كل الإطارات الجاهزة. وقد يرسم بأصابعه مباشرة بالفعل دون فرشاة، كما قد يستخدم أدوات من طراز خاص مثل سيجارة قديمة أو مطفأة أو عود ثقاب. ومن ألوان الفنان مجدي عثمان بقايا الشاي في الأكواب، ومنقوع الكركديه الشهي!.. ورسم لوحاته على تذاكر الأتوبيس وديسكات الكمبيوتر.
أما الفنانة السيدة الوحيدة بالمعرض على عكس المتوقع من النعومة والرقة الأدائية المعتادة لأي فنانة، فـ”نشوة مختار” لا تتعامل مع الشكل “أياً كان” إنساني أو حيواني أو نباتي أو حتى الجماد، من خلال الشكل كشكل وإنما “روح الشكل” أو ذاته وخصائصه الداخلية، فيخرج العمل الفني من بين يديها ” حوشي” الشكل، لكنه خالص التعبيرية، لوناً وخطوطاً، وربما يتضح الأداء الخطي أكثر في الأعمال بالقلم الرصاص، فخط “نشوة”، حاد ظاهرياً ولكنه تعبيري في عمقه، غير متحدد الحجم والمساحة وحركة الخط ذاتها، إضافة إلى الإختزال اللوني أو الخطي أو الإثنين معاً، ما يصل إلى المتلقي دون وسيط، ما ترك لنفسه وإحساسه العنان دون أن يُقيده بمفهوم أو محاولة إيجاد معني ما، سواء قصدته الفنانة أم لا، بعيداً عن الإستلذاذ بجماليات العمل نفسه.
ويأتى الفنان ياسر عيد، في تميزه من خامة الألوان المائية التي طالما تعامل معها منذ أن كان طالباً في كلية الفنون الجميلة، خاصة حينما كان في بلده ” أسيوط” وتخالط وتعامل عن قرب مع الفنان المجيد التائت وسط ركامات الزمن الفني في مصر “بخيت” فراج” ذلك الفنان الذي أفنى الكثير من عمره الفني مخلصاً لتلك الخامة الصعبة، الفاضحة لغير المُجيدها، فكثير من الفنانين يهربون من تلك الخامات بإعتبارها تحتاج إلى الصبر والحذر معاً، ومجرد خطأ بسيط لا يمكن معالجته. وياسر يتعامل مع تلك الخامة بيُسر، أكتسبه من إستمرارية إنتاجه فيها، على مسطحات ورقية ذات جرامات مختلفة، ومساحات مختلفة، بل تعلم كيف يكون سريعاً في إنتاجه منها، وليس فقط بارعاً فيها، مما جاءه من خبرة السنوات التي عمل فيها في الصحافة المصرية والعربية، مجلات وجرائد، وكلنا في المجال الصحفي نعلم، أن ذلك يحتاج إلى خبرة مضافة من التعامل مع الطباعة، وليس إجادة الرسيم والخامة فحسب، فهناك درجات لونية تتغير بعد الطباعة، وهناك ألوان تُفضل لإبراز “الرسمة” عن غيرها تبعاً لنوع الورق المطبوعة عليه ووزنه، وإذا ما كان مصقولاً أم لا..فورق الجريدة غير المجلة، وتلك الخبرات إكتسابها ياسر، إضافة إلى جرأة الرسم المباشر لعدد من الوجوه، حينما عمل في مجلة الشباب، حيث رسم أغلب مشاهير تلك الفترة، مثل عادل إمام ونور الشريف وعمرو دياب، والفخراني، ومحمد الحلو ويسرا وغيرهم.. من جهة أخرى يعرض ياسر عيد واحدة من أعماله القديمة المؤرخة في عام 1994 سنة تخرجه من الكلية، وتناول فيها منظر واقعي لبيوت شعبية مستخدماً خامة الألوان الزيتية التي هجرها منذ فترة تحت وطأة الإحتراف الرقمي، وتصاميم الديكورات والثري دي، والفوتوشوب، ما حقق فيه أيضاً تفوقاً أبهر الأماراتين والقطريين والسعودييون حبنما عمل في تلك البلدان العربية، قبل أن يعود ويستقر في التلفزيون المصري، ويقوم بالعديد من التصميمات الجرافيكي، وتترات عدد من البرامج والدراما..
إن ما يميز الفنان ياسر عيد أنه يستطيع أن يعطيك توليفة مُقنعة تجمع بين الواقع والخيال، وتُحدث المُتلقي على إختلاف درجاته الثقافية وقدرته على الإحساس بالقدر الجمالي.
ومن واقع إستعراضى للوحات الفنانين وجدت نفسى فى سحر الألوان وتناغم الخط الفنى أرى وضوح أفكار كل فنان منهم جاءت متناغمة مع الأخر بل وأعطت كل لوحة لفنان منهم قوة للاخر فكان معرض الخمسة من أكتر المعارض التى فعلا تعبر عن خط فنى يجب دراسته والإهتمام به ألا وهو مزج القديم والتراثى بالحداثة والمعاصرة والخروج عن المؤلوف فى الفن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!