عاجل

سيد الخلق صانع العظماء “الجزء الأول”

سيد الخلق صانع العظماء “الجزء الأول”

بقلم د/مصطفى النجار

تأملت الخالدون على مر الزمان، فرأيتهم نجوما تدور فى فلك أنوار سيدى، نجوم توارت حين أشرقت شمس محمد، لقد خَلَدَ التاريخ الإنسانى الكثير، تباينت فيهم ملامح العظمة وأسرار الخلود، فهذا شيد إمبراطوريةً قويةً ذات جيوش قاهرة ظافرة، وآخر وَرَّثَ علماً انتفعت البشرية به، وذاك زعيماً ارتقى بأمته من سفح الذل والهوان لمقام المجد والعزة، فحاز كل منهم من العظمة ملمحا وجانبا.

لكن دُرَّةَ البشرية محمد جمع ملامح العظمة كلها، بصورها البهية وأمجادها المشرقة، فما عظمة هؤلاء فى عظمة محمد إلا قطرةً فى نهرٍ عذب موصول المداد لا ينضب، وما هؤلاء الخالدون إلا نجومٌ خافتة فى حضرة أنوار عظيمهم محمد الذى بَعَثَ الكون والإنسان بعثاً جديداَ، أنار فيه العقل والقلب بوحى السماء.

وشيد إمبراطورية عظمى عاشت البشرية فى ظلالها عدل الإسلام، بعد أن تجرعت ظلم الأديان، وأقام مجتمعا فاضلاً تقاسم فيه الأنصار أموالهم مع المهاجرين عن طيب نفس وإيثار، وارتقى بقبائل العرب المتناحرة المتناثرة، ليصنع منهم أمة عظمى، قادت البشريةً قروناً عديدةً وأزمنةً مديدةً.

أمة وضعت إحدى أقدامها فى الصين شرقاً والأخرى فى الأندلس غرباً، والمعجزة المذهلة صناعتة لهذه الأمة من الخصوم المعاندين، الذين أمسوا تابعين أوفياء يقفون خلفه فى الصف إجلالاً وتعظيماً، بل يتنافسون على قطرات ماء ما أطهرها، تتساقط من بين أصابعه يدلكون بها وجوههم، لم يكن ذلك إلا لمحمد صلوات الله عليه، الذى صنع من هؤلاء الذين نشأوا فى ضلال الوثنية، عظماء ستروا صحائف من ضياء، فما نسيهم الزمان، ولا تنكرت لعظمتهم البشرية، حتى غدا أحدهم أسطورة عسكرية ، تُدَرَس بطولاته وخططه فى أعرق الجامعات الغربية.

ولما لا وقد اقتبس من النور المحمدى قبسات وقبسات، إنه خالد بن الوليد الذى تأملت سيرته، لأرى كيف صنع النبى منه قائدا تتعلم منهم وتتحاكى بسيرته البشرية؟ كيف حدث هذا التحول الهائل الضخم؟ لمن ورث العداء للنبى عن أبيه الوليد بن المغيرة، الذى أسرف فى العدوان والإثم، حتى نزل فيه القرآن “ولا تطع كل حلاف مهين، هماز مشاء بنميم، مناع للخير معتد أثيم ” (القلم – 12،11،10).

ورأيت خالدا فى أحد، يلتف بفرسانه ليبدل نصر المسلمين هزيمة بمخالفتهم لنبيهم، مخالفة دفع ثمنها المسلمون سبعون شهيدا، على رأسهم جدنا الحمزة، ورأيته يقف بفرسانه على أبواب مكة فى الحديبية متوشحا سيفه لمنع النبى من الدخول للعمرة والطواف، وتعجبت كيف أسلم خالد؟ بل كيف يدخل دينا تتلى فى صلاته آيات تذكر أبيه؟ ومن الذى صنع منه أعظم قائد عسكرى على مر التاريخ البشرى؟

صنع كل ذلك بمشيئة ربه محمد صلوات الله عليه، الشخصية الآسرة والروح الطاهرة والسراج المنير، والقلب الكبير الذى وسع الأتباع وما ضاق بالخصوم وكان بهم سمحا رحيما.

ولنترك خالدا يروى قصتة “وقفت ضد محمد فى المواقف كلها، وفى كل موقف أرى أنى ——–

ونكمل إن شاء الله فى الجزء الثانى تجنبا للإطالة على حضراتكم.
تحياتى وتقديرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!