عاجل

ماذا نفعل فى شهر شعبان

ماذا نفعل فى شهر شعبان

بقلم فضيلة الشيخ أحمد على تركى

مدرس القرآن الكريم بالأزهر الشريف

هذا شهر شعبان شهر نسائم الخيرات والبركات وشهر الرحمات وتهب علينا فيه النفحات ، ونتنشّق عبيرها من قريبٍ قريب ونتلمَّس أثر لطائفها ونفحاتها ورحماتها وللنفس منها شوق رهيب .

والعاقل من يُحسن البدار لاستقبال شهر رمضان بالصالحات والطاعات والأعمال المباركات .

ولقد كان الصالحون يُجهّزون أنفسهم لمبادرة رمضان قبل أن يُبادرهم .

ومما تجدر الإشارة إليه في تجهيز النفس في شهر شعبان قبل دخول رمضان :

?الإكثار من قراءة القرآن ، والتخفيف من التعلق بالأشغال الدنيوية :

قال أنس بنِ مالك رضي الله عنه :

كان المسلمون إذا دخل شعبان أكبوا على المصاحف فقرؤوها .

وقال سلمة بن كهيل :

“كان يُقال : شهر شعبان شهر القُرَّاء حيث كان السلف الصالح يُكثرون فيه من قراءة القرآن” .

وكانَ حبيبٌ بن أبِي ثابت إذا دخل شهر شعبان قال :

” هذا شهر القُرَّاء ” .

وقد ذكر الإمام ابن رجب في لطائف المعارف :

أنَّ عمرو بن قيس رحمه الله كان إذا دخل شعبان أغلق تجارته وتفرغ لقراءة القرآن .

وكان الحسن بن شهيل يُكثر فيه مِن قراءة القرآن ويقول :

“ربِّ جعلتني بين شهرين عظيمين” .

?إخراج أموال الزكوات تجهيزاً لشهر رمضان :

ذكر أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ المسلمين كانوا إذا دخل شعبان أخرجوا زكاة أموالهم تقوية الله للضعيف والمسكينِ على صيام رمضان .

?إصلاح القلب ومعالجة أمراضه :

لقد كان الصالحون يقولون :

“طوبى لمن أصلح نفسه قبل رمضان” .

فلنتفقد قلبنا وإيماننا بإصلاحها وتخليتها من الذنوب وإعمارهما وتحليتها بالطاعات قبل رمضان .

ولن يقبل المرء الموعظة إن فسد قلبه ؛ قال الله تعالى :

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ }

فلزم شرعاً تجديد الإيمان قبل رمضان ؛ ليكون هو الأساس لكل عمل خير ؛ فإذا تأسس القلب على الإيمان أدرك أنّ رمضان مجاله تنمية الإيمان في بدن الإنسان ؛ حتى يحصد المرء نتائج قوّة الإيمان في رمضان وما بعده .

?كثرة عمل الخير في شعبان فإنه الشهر الذي ترفع فيه أعمال السنة إلى الله :

فإن أعمال العباد ترفع في شهر شعبان كما أَخبرَ به ﷺ وحين سئل عن كثرة صومه في شعبان قال :

” أنهُ شهرٌ ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين ؛فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ” .

[رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة]

?هرولة الروح نحو الطاعات وترويضها على جملة من العبادات :

قال أحد الصالحين :

من لم تهرول روحه في شعبان عجزت عن الركض في رمضان” .

فلنجدد العزم ولندرك النفس بالحزم بتحقيق عبادات كثيرة في شهر شعبان ولنروّض أنفسنا على ذلك فلا أنفع من رياضة النفس في ميدان العبادة للفوز بالأجر من الله تبارك وتعالى .

?كثرة الصيام في شهر شعبان :

قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها :

” لم أر النبي ﷺ صام شهراً كاملا قط غير رمضان وكان يصوم شعبان إلا قليلا ” .

[ أخرجه مسلم]

ولهذا كان سلفنا الصالح يكثرون من الصيام في شهر شعبان .

وقد قال ابن رجب :

صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم وأفضل التطوع ما كان قريبًا من رمضان قبله وبعده وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها ، وهي تكملة لنقص الفرائض ، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده .

ويقول كذلك رحمه الله :

” صيام شعبان ﻛﺎﻟﺘﻤﺮﻳﻦ ﻋﻠﻰ ﺻﻴﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻟﺌﻼ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺻﻮﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﻘﺔ ﻭﻛﻠﻔﺔ ” .

?كثرة الصدقات والنفقات على الفقراء والمساكين في شعبان فإن سلفنا الصالح كانوا يُكثرون من الصدقة في شعبان .

?اليقظة في وقت الغفلة قبل شهر رمضان
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال :
قلت : يا رسول الله : لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ؟

قالﷺ :

“ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان”.

[رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة].

قال الحافظ ابن رجب :

” وفي قوله ﷺ :

” ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان” .

دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة وأنَّ ذلك محبوب لله عز وجل” .

?دعاء الله أن يبلغنا إدراك شهر رمضان :

قال المعلى بن الفضل :

كان السلف يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان .

وقال يحيى بن أبي كثير :

كان من دعائهم :

اللهم سلمني إلى رمضان ، وسلِّم لي رمضان وتسلَّمه مني متقبلاً .

هذه جملة من التنبيهات التي نحتاجها كجرعة إيمانية في شهر شعبان تذكيرا للغافل ، وتنبيها للناسي ، وتجديدا لهمة المتذكر .

والله الموفق والمعين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!