عاجلمقالات الرأى

العقل المصــري بين سنــــــدان المتطرفين و مطرقة التنويريين

العقل المصــري بين سنــــــدان المتطرفين و مطرقة التنويريين

بقلم د. رباب الششتاوي

عندما خطت الجماعات الدينية المتطرفة خطواتها للظهور لتتصدر المشهد في مصرفي كافة المجالات اعتمدت على الأفراد الأجهر صوتاً و الأكثر تأثيراً من اعضائها للتأثير على اهل القرى و النجوع و العشوائيات فانقاد لهم العامة و الغوغاء و ازدادت اعدادهم شيئا فشيئا معتمدين على حقيقة علمية مهمة و هي أن مخاطبة الجماهير ترتكز في المقام الأول على شكل المتحدث العام والحوار العاطفي و ليس العقلي ولا المنطقي و لا سيما عند مخاطبة محدودي الفكر و العلم و الثقافة فكانت خطبهم عاطفية مؤثرة خاوية المضمون و مليئة بالأخطاء الفقهية و العلمية فكثرت و زادت اعدادهم من ابناء هذه الطباقات محدودة الوعي و الثقافة فتمثل فيهم قول صلاح عبد الصبور في مأساة الحلاج تماما
صفونا صفا صفا
الأجهر صوتا و الأطول و ضعوه في الصف الأول
و الأقصر قامة و المتواني و عوه في الصف الثاني
و هذا بالطبع لا ينطلى على النخبة و المثقفين من أبناء مصر الذين تنبأوا بمصير مصر إذا تصدرت هذه الجماعة المشهد امثال فرج فودة و الذي دفع حياته ثمنا لحرية رأيه و جرأة فكره على يد شاب جاهل أمي متصدرا للمشهد

و في الجهة الأخرى كان التنويريين الجماعه المقابلة و المناهضة للفكر المتطرف و التي رفعت شعار الدولة المدنية و العلمانية و الحرية للرأي و الفكر.. لما كانت طبيعة المفكرالتأني و التواني و التشكك فكان ظهورهم قليلا وتواجدهم على الساحة نادرا اضافة إلى مصطلحاتهم العلمية و مفرداتهم المتعالية و بالتالي فصلتهم بالعامة شبه مقطوعة و تواصلهم بالبسطاء منعدما و تركوا المشهد للمحسوبين عليهم والمتاجرين بافكارهم و المستفيدين من الأقل علما و حكمة و خبرة و أكثر جرأة ولما كان جمهور التنويريين مختلفا فلا يستمع لهم إلا من كان عنده قدرًا لا بأس به من العلم و الثقافة فكانت خسارة التنويريين فادحة فلاهم وصلوا للبسطاء و لا كسبوا المثقفين فأنطبق عليهم بيتي مأساة الحلاج ايضا
الأجهر صوتاً و الاطول يمضي في الصف الأول
و الأقصر قامة و المتواني يمضي في الصف الثاني
ليصبح بيتي شعر صلاح عبد الصبور في مأساة الحلاج ملخصا لحال مصر كلها

و مأساة الحلاج مأساة مصر كلها ما بين مطرقة جماعة المتطرفيين وسندان التنويريين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!