أخبار مصرعاجل

فن التحول والقوة الناعمة

فن التحول والقوة الناعمة

كتب عصام عياد

بعد أن تيقن العدو أنه من المستحيل الانتصار علينا بالبندقية والمدفع ، صار يفكر في البديل ، فلجأ الي سلاح أخطر ، وهو الغزو الفكري ، وهو ما عرف بمصطلح القوة الناعمة ، وهو أن تجعل الشخص يفعل ما تريد ، ولكن بإرادته ، ودون تكليف بشكل مباشر ، وكان الهدف الرئيسي منه ، هو جعل المقاتل المصري غير قادر علي حمل السلاح ، كخطوة أولية لإحكام السيطرة علي مصر والعالم العربي
وقبل استخدام ذلك السلاح ( الغزو الفكري ) كان العدو قد أحكم الخطة ، ووضع الاهداف ،وحدد المدة الزمنية ، و برنامج كل مدة ، والمستهدفين فيها ، والقدر المناسب لكل فئة ، ودور كل واحد
لذلك تحققت النتائج بشكل سريع ، فرأينا من يرتدي البناطيل الممزقة والمرقعة ، بمحض ارادته ، بل صار يفضلها عن غيرها ، حتي اصبحت باهظة الثمن ، و أغلي من غيرها ، وهي التي كانت لا يرتدها الا الفقراء والمعدومين ، وكانت تعطي صدقة ، ودون ثمن ، وكان ارتدائها علامة من علامات الفقر

ورأينا من يحلق شعر راسه ، ويجعل فيها الرسومات التي كانت تصنع بالخيل والحمير ، ومن يجعلها قزعا متشبها بعبدة الشيطان أو المبتلين بالشذوذ
ورأينا من يلبس توكه في شعره ، ويتباهى بها دون حياء ، وهي التي كانت من صنيع البنات ، وكانت احدي علامات الانوثة ، التي يفرق بها بين الولد والبنت
ورأينا من يدافع عن الشذوذ ، وينادي به ، علي أنه حق وهو مقتنع بما يقول ، ولا يدري أن فيه هلاك المجتمع
ورأينا من تجرأ علي الأديان ، والثابت منها ، ونادي بإعمال عقله المحدود في المعلوم منها بالضرورة
و رأينا من تجرأ علي العلماء الاجلاء ، وصار يخوض سيرتهم ويشكك في قواهم ، بدعوي حرية الرأي ، وهو لا يدري ان ذلك سبيل من سبل هدم المجتمعات
رأينا أبناء البيت الواحد ، أبناء الوطن الواحد يتقاتلون ، فيضعفون بعضهم بعضا ، وينتهكون قواهم ، ويستنفذون ثرواتهم ، حتي يطلبون من العدو ، التدخل للسيطرة علي الموقف وحمايتهم ، فيدخل البلاد ، ويعش علي الارض ، ويلتهم الثروات بشرعية وعلانية ، ودون جهد او عناء بعد أن ضيع أبناء الوطن الوطن بأيديهم وبإرادتهم
رأينا مشهد ضياع العراق يتكرر في سوريا وفي اليمن وليبيا و الآن بالسودان دون أخذ العبرة ولتعلم من ما حدث مع اخواننا
رأينا الاستدراج مستمر وربما بجاذبية أكثر قوة مما قد سبق
ورأينا ، ورأينا ، ورأينا ………………….. الخ
فسرعان ما ضاعت القيم ، وتغيرت العادات الأصيلة الراسخة ، دون أن يشعر المجتمع ، و قبل أن يفكر كيف يبقي عليها ، ظهرت نتائجها و كأنها نار هادئة التهمت الاثاث شيئاً فشيئاً ، ولم يظهر ضوئها وحرارتها ، ولم نشعر بها الا بعد أن ضاع كل شيء

كل ذلك يدل علي حسن استخدام العدو لسلاح الغزو الفكري والقوة الناعمة
ومن الغريب أن معظم ما فعله العدو كان معلنا ، وقد صُرح بها من مسئوليهم في أغلب اللقاءات
لكن الأغرب من ذلك ، هو أين دور علماؤنا وخبراؤنا في التصدي لهذا الغزو ، أين دور علماؤنا وخبرائنا في الابقاء علي قيمنا وتراثنا وعاداتنا وهويتنا ، أين دور علماؤنا وخبراؤنا في تحصين المجتمع من الافكار الخبيثة التي استهدفت ابنائنا ، أين دورهم في حماية المجتمع من هذا التحول المريب
أين دور الاعلام والاعلاميين ، في التحذير من تلك الافكار ومواجهتها أولاً بأول ، و أين دوره في ابراز قيمنا وعاداتنا الجميلة
أين دور الفن والفنانين ، أين دور أصحاب الرسالة ، أين دور من يعيشون معنا وبيننا ، في كل بيت ، ليل نهار ، من خلال شاشات التليفزيون ، أين دورهم في نبذ العادات القميئة و ترسيخ العادات والقيم الجميلة ، أين دورهم في القاء الضوء علي تلك المدخلات التي استهدفت ضرب مجتمعنا وتفكيكه
ليس التقصير من هؤلاء وفقط ، بل بلغ التقصير كل واحد في موقعه ، البيت والمدرسة والنادي ، والمسجد والكنيسة ، المدرس والطبيب ، المهندس والعامل ، المحامي والقاضي ، البنا والخباز ، الميكانيكي والسباك والنجار ، كل صاحب واجب غفل قليلا فكان ما كان
وليس من الصحيح ، أن نظل نبكي علي اللبن المسكوب ، لكن الصحيح ، وبعد ان شعرنا بالمشكلة ، وقدرنا حجمها وعرفنا مدي خطورتها وقدر أثرها ، أن نضع خطة واضحة الأهداف محددة الزمن لعودة المجتمع الي ما كان عليه من قيم ، بنفس الطريقة ، الطريقة الهادئة ، القوة الناعمة ، التي غيروا بها افكارنا وقيمنا الجميلة
علماؤنا وخبراؤنا الاجلاء لقد أظهرت براعتكم وتميزكم في كل مجال وساهمتم في تنمية بلاد العالم وسبقتم غيركم في كل العلوم ولا ينكر ذلك الا جاحد او مريض أو عديم العقل والفكر والفهم
نأمل اهتمامك بأمر المجتمع ، نأمل اهتمامكم بما قد أشرنا اليه ، نأمل منكم صناعة الدواء لهذا المرض قبل أن يصير عضال وقبل أن لا ينفع معه دواء
أبناء الوطن الشرفاء ، ليقوم كل منكم بواجبه ، ونعلم يقيناً ، أنه لا يقف أمام ارادتكم شيئاً مهما كان
حافظوا علي وحدتكم فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية
علماؤنا ، خبرائنا ، شرقائنا ، أهالينا ، الأمر بين أيديكم ، وثقتنا بكم كبيرة ، و أملنا في الله كبير ، وظننا به خير ، وهو عند ظن عبده به
حفظ الله مصر وكل بلاد العرب والمسلمين
حفظ الله العالم من مكر الماكرين وكيد الكائدين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!