عبير مدين تكتب نسل قارون

نسل قارون

بقلم عبير مدين

الليل مع نسمات رطبة تهب على استحياء من لهيب هواء الصيف نهارا و كأس عصير مثلج و الموعد، هذا الموعد ليس مع حبيب أو شخص بعينه وإنما الموعد تلك المجلة الفنية القديمة التي كنت شغوفة بمتابعتها أيام الصبا والشباب، كنت شغوفة بمتابعة أخبار الفنانين و المشاهير نعم تغيرت ميولي فيما بعد فالتغيير سمة يتميز بها الأحياء فلا عجب أن تجد إنسان ظاهريا حي لكن لو بحثت في اعماقة لوجدت جمود وصلابة

الجرانيت ، هذا المساء أمسكت هذا العدد القديم من المجلة كان الغلاف تزينه صورة زفاف فنانة شهيرة وقتها هذه الفنانة كانت أخبارها حديث المدينة ملابسها فقد كانت أيقونة الموضة، تزوجت فلان ، طلبت الطلاق من فلان ، سافرت إلي شاطئ ، و…
مرت سنوات وابتعدت الأضواء عنها لتسطع على نجمة أخرى، بعد سنوات عديدة صادفني خبر عنها تصرخ فيه من الفقر وضيق الحال وتطلب أن نتذكر تاريخها و سنوات عطائها الفني وتطلب تدخل الرئيس لعلاجها على نفقة الدولة وصرف معاش استثنائي

طبعا حالة إنسانيا تستحق الشفقة رغم أنها وغيرها ينطبق عليهم قول الله تعالى نسوا الله فأنساهم أنفسهم
هذه الفئة معظمهم لم يتعظ بمن سبق ثم هذا التاريخ وسنوات العطاء تلك التي يتحدثون عنها نالوا أجرها شهرة و رفاهية و أجور خيالية و هدايا يتخذون من قارون مثلا أعلى عندما قال قَالَ (إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي) وكأنما هم من نسله فهذه الأموال لا حق لأحد فيها ولا حق للدولة فيها غير جنيهات الضرائب بل أن العديد كانوا يتهربون من سداد هذه الضرائب في الوقت الذي كان يعاني فيه قطاع عريض من الشعب شظف العيش، لم يتذكر نسل قارون الدولة إلا عندما ضاعت ثرواتهم!
نسل قارون موجود في كل عصر، نسل قارون هذه الأيام أغمض عينه عن قضية الوطن المصيرية ضياع حقنا في ماء النيل فلا تبرع بإعلان ولا كلمة في مهرجان ولا رأي في جريدة!
ليس المغزى من حديثي التسول لكن هذا الوطن له حق على كل واحد فينا علاوة على أن الفن و الإعلام سفراء لأي دولة يعرضون مشاكلها و يصدرون ثقافتها أما يكفي أنهم شوهوا صورة مصر إقليميا وعالميا بتصدير فن هابط وصور مسيئة للمجتمع المصري فمن يحترم شعب يستحق الإبادة شعب منحرف بلطجي متحرش لص وجاهل؟!

أنا على يقين أن مصر سوف تعبر هذه الأزمة وان الله لن يحرمها هبته لكن أرجو أن يراجع الجميع نفسه أن يعرف واجباته قبل أن يصيح طالبا حقوقه أن تظهر أعمالنا الفنية النماذج المشرفة وان يعلم العالم اجمع أن مصر بلد الأبطال بلد العلماء.