عاجلمقالات الرأى

سهر سمير فريد تكتب يهود سفارديون

يهود سفارديون

بقلم .. سهر سمير فريد

اليهود السفارديون (سفرديم) هم الذين تعود أصولهم الأولى ليهود أيبيريا أو الأندلس (إسبانيا والبرتغال) الذين طردوا منها في القرن الخامس عشر، وتفرقوا في شمال أفريقيا وآسيا الصغرى والشام، وكثير منهم كانوا من رعايا الدولة العثمانية في المناطق التي تخضع لسيطرتها، وكانت لهم لغة خاصة هي لادينو وكانت اللغة مزيجًا من اللغة اللاتينية وتحوي كلمات عبرية، ولكنهم تحدثوا لغات البلاد التي استوطنوها، كالعربية والتركية والإيطالية. في حين بقى البعض الآخر في إسبانيا نظرا للعامل الاقتصادي متحملين الحكم القوطي ومحاكم التفتيش الإسبانية، حيث أصبحوا يعرفون بالمسيحيين الجدد.
وسفارد اسم مدينة في آسيا الصغرى تم ربطها بإسبانيا عن طريق الخطأ، فتُرجمت الكلمة في الترجوم (الترجمة الآرامية لأسفار موسى الخمسة) إلى «إسباميا»، و«سباميا»، أما في البشيطتا (الترجمة السريانية لأسفار موسى الخمسة) فهي «إسبانيا». وابتداءً من القرن الثامن الميلادي، أصبحت كلمة «سفارد» هي الكلمة العبرية المستخدمة للإشارة إلى إسبانيا. وتُستخدَم الكلمة في الوقت الحاضر للإشارة إلى اليهود الذين عاشوا أصلاً في إسبانيا والبرتغال، مقابل الإشكناز الذين كانوا يعيشون في ألمانيا وفرنسا ومعظم أوروبا.
شاع في الدراسات العربية استخدام مصطلحي «إشكناز» و«سفارد» باعتبارهما مرادفين لمصطلحي «يهود غربيون» و«يهـود شرقيون». وفي الدولة الصهيونية، تُستخدَم عبارة «عيدوت مزراحي» للإشــارة إلى الجماعات الشرقية بأسرها بغض النظر عن انتمائها الديني.
«اليهود الشرقيون» مصطلح كان يُطلَق على نسل أولئك اليهود الذين اتجهوا، عندما غادروا فلسطين قديماً، إلى العراق وإيران وأفغانستان وشبه الجزيرة العربية ومصر وبلدان شمال أفريقيا، وعلى يهود القوقاز (يهود جورجيا والجبال). ولكنه يشير الآن، في التجمع الاستيطاني الصهيوني، إلى اليهود الذين لا ينحدرون من أصل غربي، وقد أصبح لفظ «سفارد» مرادف للفظ «شرقيين» لأن معظم اليهود الشرقيين، في البلاد العربية على وجه الخصوص، يتبعون التقاليد السفاردية في العبادة. ولكن مصطلح «سفارد» غير دقيق، فبعض اليهود الغربيين في هولندا وإنجلترا وإيطاليا من السفارد.
وتُصِّر النخبة الحاكمة في الدولة الصهيونية على الطبيعة الغربية (الإشكنازية) للدولة. وقد صرح شاعر الصهيونية الأكبر نحمان بياليك، وهو إشكنازي من يهود اليديشية، بأنه يكره العرب لأنهم يُذكِّرونه باليهود الشرقيين. ولعل خوف النخبة الإشكنازية الدائم هو أن يندمج الشرقيون في المحيط الحضاري العربي، فهم في حقيقة الأمر، ينتمون حضارياً وعرْقياً إلى هذه المنطقة. ولو تَحقَّق مثل هذا الاندماج، لوجدت النخبة الحاكمة الإشكنازية نفسها في موضع الأقلية مرة أخرى، وهـو الأمر الذي خططت هذه النخـبة وأنفقـت كل أيامـها من أجل الهرب منه. وعلى كلٍّ، فقد تحولت الأغلبية الإشكنازية إلى أقلية عددية، ولكنها لا تزال تملك ناصية الأمور وتحتكر صنع القرار.
وفي إطار هذا التصوُّر، يمكننا فهم الحملات الصهيونية التي وُجِّهت ضـد الاتحاد السـوفيتي (سـابقاً) للسماح لليهود السوفييت بالهجرة، فهي محاولة من جانب الإشكناز لاستعادة التوازن العرْفي والحضاري داخل إسرائيل لصالحهم، خصوصاً أن الهجرة من أوروبا قد توقفت، كما أن نسبة التوالد بين الشرقيين أعلى منها لدى الإشكناز. ولكن الهجرة من روسيا وأوكرانيا تثير من المشاكل أكثر مما تحل. فالمهاجرون الروس والأوكرانيون يُعامَلون معاملة خاصة لتشجيعهم، إذ أن هجرتهم غير عقائدية وتأتي في سياق بحثهم عن مكاسب اقتصادية لم يجدوهـا في وطنهـم الأم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!