عاجلمقالات الرأى

محمد مجيد حسين يكتب التداوي بالألم

التداوي بالألم

الصدمة تطور في سياق ما. حيث يتم إعادة أنتاج الصورة بألية جديدة .الصدمة تفاعل في سياق معادلة عناصرها الأولية قد لا تنتمي للزمن المعاش .الصدمة ألم طموح يسعى لحياة أفضل الصدمة قراءة معالجة في اللحظة الحرجة .
تسعى هذه الدراسة لمناقشة إيجاد آلية حديثة لتعامل الذات مع الألم بمختلف انماطه حيث بات الكائن البشري أكثر عرضة لضغوطات فكلما أتسعت معارف المرء ومع الفوارق الشاسعة في متوسط دخل الفرد من بلد إلى أخر وأحياناً في

البلد ذاته والتقاربات السريعة بين المجتمعات نتيجة التطور المذهل لوسائل الإعلام والضخ الثقافي من الغرب الذي بات يقود مسار التاريخ إضافة إلى الفوارق الجمالية كل هذه الأجواء تقودنا إلى الينبوع متدفق لإنتاج الألم الباحث عن فضاء لتفريغ الشُحنات التي تهيء الأجواء لتصاعد هيجان القلق الذي يفكك منظومة التركيز والتي تعد بوابة التطور في معظم الميادين العمل . الصدمات وبمختلف مستوياتها وانماطها تسعى لمعالجة خلل ما أو تفعيل مكامن مهمشة من

منظومة الطاقة والتي إذا ما تم تفعيلها تغدو الممكنات داخل المنظور التطبيقي .فالإنسان ذو امكانيات جبارة ولكنها بحاجة إلى من يفعلها والتي تسمى بالطاقة الكامنة .الوسائل المتعلقة بكيفية استخراج الطاقة وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بالكائن البشري الذي يعد الأكثر تعقيداً مقارنة مع سائر الكائنات . فالإنسان يمتلك خصوصية العقل والعواطف المتشابكة المتجانسة المتناظرة والضدية .هذه العوامل قد تجتمع داخل المرء حيث يأخذ كل عامل أو كل دافع مساحة في القيمة الزمنية والتي تُفعل وفقاً للمحرضات بدأً بالغرائز ومروراً بالعقل الذي يعد بمثابة مركز إنتاج وتطوير وتوزيع لطاقة ويعد من

جهة أخرى بوابة تفريغ لشحنات السالبة من خلال عدة خطوات يتم محاولة ترويض الغرائز من خلال الحواس والتراكمات المكتسبة من الموروثات والأخلاق والتي تتصل وتتداخل مع السلوك المتبع أولاً في الأسرة ومن ثم المجتمع حسب الآلية المتبعة في إدارة السلطة والتي تعمل وفق ألية وصولها إلى السلطة والمرحلة التي بلغتها المجتمعات في سلم التطور فكل سلطة هي نتاج تطور الأفراد والتي تنعكس على تطور المجتمع . فمعظم البلدان ذات الثقافة المغلقة لم تجد الحداثة سبيلاً لها لعدم وجود الحاضنة التي من شأنها فتح فضاءات الحوار للوصول إلى المناخات التفاعلية الرامية لخلق الصدامات التي تنفل المرء من حالة الجمود إلى حالة المسير باتجاه الصائب وفق لمنطق العقل الذي قد يُفعل الحراك الباحث عن الطاقة المانحة والتي من أبرز ملامحها إعادة صياغة آلية التواصل مع المستجدات .
وبانخراطنا في ماهية الصدمة ذات الدلالة الاختزالية والتي تستوجب المضيء الدؤوب لإنتاجها للتشابك والغموض اللتان يحيطان بدفء المسترسل في آليات الحاضنة لتفاعلها في السياق جوهر الحدث المنتج لتصورات المؤدية لفضاءات مانحة لرؤى التحرر والمنبثقة عن المعادلات المؤيد ة بالمد والجزر في العلاقات الإنسانية .
الألم كسر لحالة ما في سياق النمو التراكمي لماهية التجديد أو المحافظة على السياق ذاته .التداوي مدخل تعديلي منبثق من نتاج الفعل

المحرض عبر باقة من الرسائل أو ما يشبه مرور سرب من السنونو في فضاء هادئة .الألم فاصل يندرج في سياق الانزياح الشديد الانحدار صوب الفضاءات ذات البعدين المادي والمعنوي اللذان يعدان جوهر الحركة بمختلف أنماطها الألم فرضية تُسوق الفعل الشبيه بتباين الفكري على مستوى شعبي حيث تكثر المساحات الحوارية لعدة أسباب ويأتي في طلعتها أهمية الفكر من منظور المجتمع والتي تعتبره بمثابة عامل في منظومة الكماليات أي أن التباين ذو تأثير عابر هذا في حال الصدمة ذات المدلول المتداول والمنسجم مع ألية السائدة والراكدة والتي هي نتاج العقل الجمعي لأن الأولوية في عقولنا للمباح ولا مباح وفقاً للقوانين الشريعة .ومفردات مثل لماذا . كيف .هل .متى .أين الخلل .هذه الأسئلة وباستدامة تسبقها ثنائية هل هذا مُحلل أم محرم . لأن الذهنية مبرمجة على نمط شبه جامد ولا فضاء للتجديد .
هنا نصل إلى المشهد الذي يجسد أهمية فصل بين السلطتين الزمنية والروحية اللذان يكملان بعضهما في حال وجود الفاصل العقلاني الذي يحدد مساحات كل سلطة وفق المتغيرات ولكن هنا ثمة مجموعة من العوائق في طريق إنجاز هذه الخطوة بدءاً من التعمق المتجذر حتى في لب القشور للسلطة الدينية في مفاصل الحياة وفي سلوك الفرد .ثانياً ثقافة المجتمع المبنية على إرث ديني .ثالثاً سلطة التطرف التي تقصي بكل توحش أي رؤى تخالف المورث .رابعاً أزمة العقل .نستنج مما ورد من أفكار في السياق هذه الرؤى التشعبات المتداخلة في مختلف البنى الاجتماعية لثقافة الأقصاء وهذا أول المتاريس التي تحجب زوايا الرؤى أمام الفرد لتقبل الثقافة المغايرة

والتي هي نتاج تطور العقل والمساحات الشاسعة التي يتبعها المرء وعلى مختلف الصعد.وأجندات القوة الاقتصادية والتي تنمو بتسارع مذهل على التناقض بين المجتمعات وكلما تعمق النزاع وتقلصت مساحة التوافق انشغل الناس وبمسافات مختلفة بتداعيات الأزمة .وهذا المشهد قد يأخذ صور ذات تباين رغم التشابه الدامغ بين معظم النزاعات والتي هي صناعة عالمية بامتياز مع وجود ارضيه متأهبة لجمود الفكري وهشاشة الشخصية
كل هذه المعطيات تشكل مجموعة روافد تنصب في فضاء عدمي حيث ينبثق عنه الضغوطات التي تخلق منظومة هائلة من الآلام التي تؤرق الإنسان .وهنا تظهر أهمية التداوي بذات الداء عبر خطوات :أولاً مواجهة الألم ومن ثم استثمار الحالة من خلال تحصين الذات وتحضيرها لمستجدات مهما تباينت .الآلام رسائل تتفرع إلى شطرين منبثقين كحالة طبيعية لصيرورة الحياة والتناوب بين الألوان رغم وجود ما يشبه القرصنة للأسود الذي يصول في مساحات شاسعة من جغرافية العمر وأما بقية الألوان فتتراوح حظوظها بين شخص وأخر .حسب التشبث الفرد بالطموح من جهة والمناخ العام من جهة أخرى.
هنا تكتمل ملامح أهمية المواجهة الداخلية والتي عليها تبنى الخطوات الصائبة .والتي تسعى إلى ترتيب الهيكلية الداخلية لتناسب أجواء الحياة الحديثة .التي باتت بمثابة سلاح ذو حدين فقد يجد الفرد المتناغم المنسجم مع المستجدات آماله من خلال التطور وسائله وأدواته .وقد يرى فرد أخر وجوده من خلال التنقيب عن مساوئ الحداثة معتمداً على الإرث الديني الذي يؤكد وجود الحياة المثلى في الماضي ويحث المرء على العمل بغاية تطبيق الواجبات وبدقة متناهية للوصول إلى أعلى درجات التقوى حسب المصطلح الديني .

ثمة ذهنية متجذرة في أعماق الشخصية ترتكز على القوى الغيبية التي وفقاً لرؤاهم تسير الكون .ومحاولة التغيير تتطلب المزيد من العمل وعلى مختلف الصعد وباستراتيجيات تكاملية بين الفرد والقائمين على إدارة المجتمعات من جهة وبين مجتمعاتنا وسرب المتحضرين مع التباين الظاهر لعيان بين البيئتين في عديد المفاصل وهذا لا يُحجم من نقاط التلاقي فهؤلاء تعاملوا مع الألم عبر خطوات وبتدرج من خلال التعرف على النسيج الضامن الذي يتشكل منه الألم بمختلف أحجامه وأنماطه والدوافع الحاضنة أو المحرضة حيث ينمو الألم ليأخذ مساحة تشكل عائقاً في مواجهة الراحة النفسية من جهة .وفي الحيلولة أمام التركيز أثناء القيام بأي عمل يستوجب الدقة .وفي هكذا أجواء تغدو آلية المعالجة شبه معدومة لوجود منظومة متكاملة من الرضوخ للواقع .
السواد محور مفصلي في هذا العالم ومتداخل بعمق في نواة شخصيتنا .وإنشاء ما يماثل منظومة لخلق الأجواء التي من شأنه استخراج البلسم من أعماق ذلك الألم هنا قد نُشبه العملية بسموم التي تستخرج منها بعض المواد التي تدخل في تركيب الأدوية التي تساهم وبقسط وفير بشفاء المرء .نستطيع أن نوجز البرنامج المراد تطبيقه للوصول إلى تدشين ولو حجر أساس لمشروع التخلص من التخاذل الداخلي منبع الهزيمة أمام أي ثغرة قد تظهر في مواجهة أي خطوة خارج المتعارف أو في سياق طموح ما . أولاً مواجهة الذات بنوعية الألم والعمل على

التخلص منه ومن ثم الوقاية لتجنب منغصات مماثلة .ثانياً وضع روزنامة على المنظوريين الأني والاستراتيجي والسعي لتطبيق الروزنامة بأقصى نسبة ممكنة والعمل المستدام على أجراء التعديلات عليها بما يناسب المتغيرات .وأخيراً محاسبة الذات وحثيها على أنتاج الأفضل للوصول للأجواء الأكثر ملائمة لحياة عبر تحقيق أمال الذات في سياق تكاملي مع الأخر المختلف وتصنيف الألم في خانة الوارد لتغدو عملية التناوب بين الفرح والحزن أو بصيغة أخرى الموزيك الحياتي هو الراعي الأمثل للوصول إلى أعلى الدرجات الممكنة في سلم النجاح.

محمد مجيد حسين – سوريا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!