عاجلمقالات الرأى

محمد زاهر يكتب .. غرور الدنيا

غرور الدنيا

بقلم: محمد زاهر

بينما أعبر الطريق إذ في الجانب المقابل امرأة عجوز طاعنة في السن، قد كف بصرها ووهنت عظامها وانحنى ظهرها تتحسس الخطى، تتكأ على عكازها وكأنه عصاً سحرية، فهو كل قوتها وتأخذ بيدها حفيدتها، فتاة جميلة صغيرة مجدولة الضفائر، عيناها الصغيرتين يملؤهما الأمل والفضول، تسعى إلى الدنيا مسرعة الخطى، وما بين تباطؤ الجدة وتسارع الحفيدة حياة تعج بالأحداث، فالأولى

 

قد رأت من الدنيا ما يكفيها وتنتظر أن تطوى صفحتها، وما أصعب الإنتظار!، والأخرى تستقبل أيامها، وتريد أن ترى كل أرجاء الدنيا، الجدة تشد على يد الحفيدة أن تريثي وخذي حذرك ولا تتعجلي، والحفيدة تحاول أن تفلت يدها دعيني لا وقت نضيعه، وما بين صراع الأجيال تتعثر قدم الجدة، فتسقط في وسط الطريق وسط الزحام، فترمقها الحفيدة بحسرة، أي قد أحرجتنا وسط نظرات العيون، وتوقفت حركة الدنيا بين ماضي يتعثر ومستقبل يتسارع، وعيون المارة تشفق على الجدة وتسخط على الحفيدة، ولكنها الدنيا لا تذر لها حبيب او خِل يُنافح عنها، لا من الماضي ولا حتى من المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!