مقالات الرأى

د. محمود عرابي يكتب.. كورونا بين الكلاسيكية والحداثة

 

بقلم – محمود عرابي خبير علم الاجتماع

لاشك أن وباء الكورونا قد أحدث هزة في طبيعة الحياة الاجتماعية ، حيث أثرت في أشكال العلاقات والترابطات، إضافة إلى أساليب الحياة، حيث نقلت بعض الأشكال إلى الحداثة وبعدها إلى التقليدية.

ويمكن عرض الآثار الكلاسيكية والحديثة لأزمة كورونا فيما يلي:
أولاً: الآثار الكلاسيكية لوباء كورونا:

أدى انتشار وباء كورونا إلى التقوقع في المنازل وقضاء غالبية الوقت داخل المنزل مع الأسرة ، وتقلصت المساحات الزمنية للحياة خارج المنزل سواء مع أصدقاء النوادي أو المقاهي أو المسارح وجور السينما وغيرها، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تراجعت أيضا بعض صور العلاقات واللقاءات بدور العبادة بعد غلقها.

وقد قابل هذا التراجع في العلاقات الخارجية زيادة في العلاقات الأسرية، فبعد أن كان الأب أو الأم يقضون أوقاتًا طويلة خارج المنزل ، فقد اضطروا إلى قضاء هذه الأوقات بين أفراد الأسرة، وهو ما ساعد في أحيان كثيرة على زيادة التماسك الأسري، خاصة في ظل الخوف من الموت والعدوى بكورونا، وأصبحت هناك مراجعات لطبيعة العلاقات غير المشروعة ، وصعوبة الاستمرار فيها ، مع المراقبة الأسرية ، والخوف من احتمال الإصابة.

ولاشك أن مكوث الرجال في البيت لفترات طويلة انعكس بشكل أو بآخر على الصحة النفسية لديهم، في ظل إحساسهم بعدم القدرة على الخروج أو قضاء أوقات العمل أو على المقاهي أو حتى في دور العبادة. كما قد يؤدي هذا الحظر بآثاره النفسية إلى زيادة التوترات داخل الأسرة، حيث أن جلوس الرجل وزوجته لفترات طويلة بالبيت قد يؤدي لخلق بعض اشكال المراقبة أو النقد من الزوج أو الزوجة للطرف الآخر، وهو ما يخلق توترات واضطرابات أسرية.

كما اثرت أزمة كورونا على الأوضاع الاقتصادية للأسرة ، خاصة بين فئات عريضة ممن خسروا أعمالهم أو بعضها من العاملين في المنشآت المغلقة بقرارات حكومية نتيجة أزمة كورونا أو العاملين في الفترات المسائية والتي تعطلت أعمالهم بسبب الحظر، وهو ما أحدث آثار على الأوضاع الاقتصادية للأسر، حيث تفاقمت مشكلاتهم الاقتصادية ، إضافة إلى صعوبة تلبية احتياجاتهم الاقتصادية.

كما غيرت أزمة كورونا من بعض العادات والتقاليد الاجتماعية مثل تجمعات الزواج والأفراح وسرادقات المآتم، وموائد الرحمن، والعزائم والولائم.

كما تراجعت عادة التقبيل والعناق، في ظل خوف الكل من الكل، حتى أن البعض تجنب السلام بالأيدي.
ثانيًا: الآثار الحداثية لأزمة كورونا:

لاشك أن أزمة كورونا وضرورات الحجر المنزلي وعدم الاختلاط قد أدى إلى استخدام وسائل التواصل الحديثة في عدة أغراض تمثلت في:
1- استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في متابعة تطورات تأثيرات وباء كورونا على جميع المستويات من الدائرة الإقليمية المحدودة ، وحتى العالم أجمع، سواء تعلق ذلك بحجم انتشار الفيروس أو أساليب انتقاله أو الإجراءات التي يتم اتخاذها بشأن الأزمة، أو مدى وجود حلول لهذه الأزمة.

2- استخدام الانترنت في العمل من المنزل أو التعليم وغير ذلك من الأنشطة التي كانت تمارس خارج المنزل.

3- قضاء أفراد الأسرة أوقات طويلة في الجلوس أمام الإنترنت ، والاندماج في عالم افتراضي ، مع أصدقاء قد يكونوا افتراضيين أو حقيقيين ، أو أقارب، حيث أصبح هذا التواصل بديلا عن التواصل الواقعي.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!